د. سلام نجم الدين الشرابي
كيف تكتب مقالاً ساخراً؟.. هل دعاك عنوان المقال إلى الابتسام. نعم كلمة السخرية تبعث غالباً على رسم البسمة على الشفاه. ولكن وراء هذه الكلمة علم كامل، وقواعد وقوانين تؤهل الحرف الساخر، ليكون له دور كبير ومؤثر في عالم الأدب والصحافة. الكتابة الساخرة من أصعب الفنون الأدبية والصحفية؛ لأنها تجمع بين المتناقضات؛ إذ يجب أن تكون سهلة وسلسلة وبالوقت ذاته محبوكة ومصاغة بصور بلاغية قوية، ويجب أن تصنع البسمة بمهنية جادة في تناولها للموضوعات، وعليها أن تقدم معلومة رشيقة بالوقت الذي تتحقق فيه من أصالة المعلومات وأهميتها، وأن تحتوي على المبالغة بالوقت الذي تكون فيه موضوعية للغاية.
فكيف يستطيع الكاتب الساخر أن يصنع مقالته ويجمع بين كل هذه التناقضات.. وكيف يستطيع أن يكتب مقالاً ساخراً مميزاً؟
كل ما سبق جعل الأسئلة التي تثار حول الكتابة الساخرة كثيرة مع ندرة المتخصصين الأكاديميين فيها، لذلك عمدت في هذه السلسلة التعليمية إلى نشر أبجديات الكتابة الساخرة، بدءاً من هذا المقال ” كيف تكتب مقال ساخر” أضعها بين أيديكم من خلال خبرتي الأكاديمية والعملية في الصحافة الساخرة.
بداية إن أردنا التحدث عن المقالة الساخرة، فلا بد أن نشير إلى الدور الإعلامي المهم للكتابة الساخرة، من حيث إنها شكل من أشكال النظرة الموضوعية للأشياء التي تهدف إلى التهذيب والإصلاح والتقويم، معتمدة فن الإقناع والرمزية في الكتابة، والبعد عن الأسلوب المباشر في تناول الأحداث ومناقشة القضايا، تحمل في طياتها المعنى والعمق والبعد الثالث لما وراء الأحداث، وتحاول إلقاء الضوء على الحقيقة وتبرز التناقض بين الجوهر والظاهر.
وهي بذلك تتناول الواقع بتفاصيله وجزيئاته الصغيرة التي قد تغيب عن الكثيرين، ووضع النقاط على الحروف، وفي أحايين كثيرة وضع الحروف تحت نقاطها.
وهذا كله يتطلب قلماً ساخراً متمكناً لديه الموهبة والحس الساخر بالدرجة الأولى، فإن وجدت فمن الضرورة صقلها بالعلم وضبطها بقواعده.
لقد وصلت إلى الأكاديمية الملكية للكتابة الساخرة، حيث نحول كل مأساة إلى كوميديا! هل أنت مستعد لاتخاذ خطوتك الأولى في عالم الكتابة الساخرة الاحترافية