قال جوناثان سويفت ذات مرة إن “السخرية هي نوع من المرآة يرى فيها الناس عادةً وجوه الجميع ما عدا وجوههم هم”.

أي عندما تكتب الساخر، سيكون لديك هدف محدد في ذهنك، ستصل إليه من خلال سخريتك. ستكون سخريتك قوية جداً، ولكن الهدف الذي تستهدفه سينظر إلى ما كتبته ويقول: “نعم، هؤلاء الآخرون سيئون حقاً”، ولن يروا أنفسهم في ما كتبت. لكن ذلك لا يعني أن نستسلم ولا نكتب الساخر أو ألا تتعلم كيفية كتابتها، لأنها يمكن أن تكون وسيلة فعالة جداً في الجدل.

 فيما يلي  ثلاث مواد صحفية ساخرة أود الحديث عنها: واحدة من صحيفة “ The Onion ” الساخرة، وأخرى من موقع “ McSweeny’s ” الساخر، وأخرى مقطع من برنامج “Saturday Night Live “.

 السخرية هي في الأساس السخرية من شخص أو أشخاص أو فكرة معينة بهدف طرح حجة بشأنهم. يرى الناس أن أحدهم ارتكب خطأ ما، فيقوم الكاتب بالسخرية منه. قد لا يقتنع الهدف المستهدف بالسخرية، كما ذكرت، لكنك على الأقل سترسم البسمة على وجوه جمهورك. هناك سبب لكون السخرية ليست فقط وسيلة فعالة أحياناً في طرح الحُجج، بل إنها وسيلة قائمة منذ زمن طويل، تعود إلى 2500 عام مضت.

 تماماً كما هو الحال مع الحجة الكلاسيكية التي شرحناها سابقاً، تعتمد السخرية على مجموعة من التقنيات الأساسية:

المحاكاة الساخرة (Parody): تقليد شيء ما بهدف الإضحاك. نشأت على موسيقى “ويرد آل يانكوفيتش”، وأنتم نشأتم على… لا أعلم ماذا يشاهد الأطفال هذه الأيام، لكنكم تعرفون أن الناس أحياناً يقلدون نغمة أو أسلوب أو موسيقى شخص آخر لإثارة الضحك.

 المبالغة والتقليل: المبالغة في تصوير شيء ما ليبدو أسوأ مما هو عليه، أو تقليله ليبدو أفضل مما هو عليه. عند استخدامهما بفعالية، يمكن أن تدعما السخرية بشكل كبير.

 المفارقة (Irony): يصعب كتابة سخرية بدون بعض السخرية اللفظية، مثل التهكم، وهي مثال واضح على السخرية اللفظية. السخرية هي عندما تكون النتيجة مختلفة، غالباً عكس المتوقع. وهي جوهر ما يجعل السخرية فعالة.

 

القواعد الثلاث للسخرية:

القاعدة الأولى: اعرف هدفك والأفضل أن يكون معروف لدى الجميع.

كل سخرية جيدة يجب أن تحدد من هو الشخص أو الشيء أو الجماعة التي يتم انتقادها.

دعونا ننظر إلى نص “ The Onion “. هو خبر مزيف – محاكاة ساخرة – يدّعي أن الكونغرس يدرس قانوناً يجرّم أي سلوك يقوم به السود. الهدف هنا عام وخاص في آنٍ واحد. الهدف الخاص هو عضو الكونغرس ستيف كينغ من ولاية أيوا، والذي يعتبره العديد من المصادر متعصباً أبيض. لذا من المنطقي أن تستهدفه “The Onion” في موضوع كهذا. لكن ماذا لو لم تكن تعرف من هو هذا الرجل؟ معظمكم ربما لم يسمع به. لذلك هناك قاعدة فرعية هنا: لا تكن محدداً جداً. يجب أن تكون السخرية عامة بما يكفي ليفهمها الجميع، حتى وإن لم يعرفوا كل التفاصيل.

دعونا ننتقل إلى قطعة “ McSweeny’s” التي تحمل عنواناً طويلاً جوهره “أنا مصاب بعمى الألوان، لا أرى السود…” لفهم هذه السخرية، يجب أن تفهم طبيعة قرّاء “ McSweeny’s“. على عكس “ The Onion” الذي يعرف الجميع أنه ساخر، فإن “ McSweeny’s” موقع أدبي ساخر يُقرأ من قِبل جمهور متعلم، أبيض في الغالب، من الطبقة الوسطى أو العليا، ويميل إلى الليبرالية.

لذلك، تشاز جيليسباي صمم هذه السخرية لتُخاطب هذا الجمهور بالتحديد، الذي يقول: “أنا لست عنصرياً، لكن…”. قد يظن القارئ أنه أفضل من هؤلاء، رغم أن تصرفاته قد تعكس العكس. وهنا تكمن فعالية السخرية.

قاعدتان فرعيتان هنا:

  1. اختر تقنياتك بعناية.

   في نص “ذا أونيون” هناك مبالغة واضحة. أما في نص “ McSweeny’s“، هناك تقليل (تلطيف)، بحيث يبدو النص قريباً من ما قد يقوله شخص بالفعل.

 

  1. تأكد أن الجمهور يفهم النكتة.

   إذا اضطررت إلى شرح نكتتك، فقد فشلت. تأكد أن المعلومات التي في رأسك تظهر على الورق بحيث يتمكن الجمهور من فهم النكتة.

 

القاعدة  الثانية، وهي بالغة الأهمية:

“لا تهاجم من هم أضعف منك”

السخرية لا تنجح عندما تسخر من أشخاص لا يملكون سلطة أو استقلالية. السخرية تنجح فقط عندما تستهدف من يملكون السلطة في المجتمع ويُساء استخدامهم لها. إذا سخرت من المستضعفين، فأنت فقط تتنمر، أما إذا سخرت من الأقوياء، فقد تكون سخريتك فعالة.

 

القاعدة الثالثة: كن ليناً في البداية.

لنأخذ مقطع “ساترداي نايت لايف” الذي يسخر من رد فعل البيض على أغنية بيونسيه “Formation“. قد يبدو أن المقطع مبالغ فيه، لكنه يبدأ بتدرج. أول 45 ثانية يمكن أن تكون من أي إعلان رعب. النكتة لا تظهر إلا في وقت متأخر. وهذا تقليد قديم في السخرية.

 

خذ على سبيل المثال “الاقتراح المتواضع” لجوناثان سويفت، الذي يقترح أن تبيع العائلات الإيرلندية الفقيرة أطفالها كغذاء للبريطانيين. لكنه لا يبدأ بهذا مباشرة، بل يعرض المشاكل الحالية، ثم يقترح الاقتراح في منتصف النص تقريباً.

 

القاعدتان الفرعيتان هنا:

  1. ابدأ بمقدمة منطقية

   اجعل البداية قابلة للتصديق لتجذب القارئ.

  1. احفظ النكتة الأكبر للنهاية.

   النهاية يجب أن تحتوي على الضربة الكبرى أو السخرية الأعنف، تماماً كما فعل سويفت عندما قال إنه لا يملك أطفالاً صغاراً، ولن يستفيد من اقتراحه شخصياً، بينما المستفيد الحقيقي من فقر الإيرلنديين هم البريطانيون.

متى يجب أن تكتب سخرية؟

في أي وقت لا يتطلب الموضوع جدية مطلقة. مثلاً، التغير المناخي موضوع خطير، لكن الطريقة التي يُناقش بها أحياناً تستحق السخرية. أما موضوعات مثل الإعدام، فقد لا تكون مناسبة للسخرية، لأن المزاح حولها قد يبدو غير إنساني.

لذا، تذكر التقنيات:

التقليد، المبالغة، التهوين، والسخرية.

وتذكر القواعد:

اعرف هدفك، لا تهاجم الضعفاء، اعرف جمهورك، وابدأ بهدوء ثم تصاعد بالسخرية.

 

الكاتب:

جاي بولوك مُدرّس لغة إنجليزية مخضرم في ميلووكي منذ ٢٠ عامًا، وكاتب محترف،

رابط المصدر

https://www.youtube.com/watch?v=YlCjmWckYtw

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

×

Well, tough luck!

لقد وصلت إلى أكاديمية الإعلام الساخر، حيث نحول كل مأساة إلى كوميديا! هل أنت مستعد لاتخاذ خطوتك الأولى في عالم الكتابة الساخرة الاحترافية

× إذا, في أي ورطة وقعت هذه المرة؟