لقطات يومية.. والبطل زوجي مقال ساخر

لا أعرف لماذا معظم الرجال لا يؤمنون بالتخصص، ويعتقدون أنهم قادرون على فعل كل شيء بأنفسهم، لديهم شنطة تحتوي على كل ما يخطر على بالك، وما لا يخطر من أدوات الإصلاح، عفواً التخريب. وحتى لا أكون ممن يلقي التهم جُزافاً إليكم هذه اللقطات اليومية وأترك لكم الحكم.

عطل في الدش:

لقطة البداية: سهرة جميلة أمام شاشة التلفاز، مع صحن مكسرات مالحة لذيذة وإبريق شاي حار. وزخم إخباري، وانشداد وانشداه لما يحصل في هذا العالم. وفجأة تحولت الصورة المتحركة إلى صورة صامتة زرقاء، وفي تحليل سريع وراء أسباب اختفاء القناة خلصنا وزوجي إلى أن للرقابة دورا فيما حصل، فلربما كان في الكلمات معاداة للسامية، أو ربما نالت الأخبار أحدا من الحكام العرب، وبعد انتظار بدأنا بتجريب المحطات الأخرى فاكتشفنا أن الحس الأمني العالي لدينا قد خذلنا، وأن الموضوع مشكلة في توجه الدش وليس في توجه القناة!
وهنا تبرع زوجي كعادته وصعد إلى السطح لإصلاح المشكلة و”اشتغلت الجوالات”.
– ماذا حصل هل ظهرت الصورة؟
– لا.. لم تظهر.
– طيب والآن؟
– لا جديد.
– طيب وهيك
– يا روحي ما في شي ظاهر.
وكعادتي طلبت منه مهاتفة مختص لإصلاح المشكلة؛ بدل إضاعة الوقت، وحتى ننعم بنوم هادئ، فلم أعد أحلم بسهرة تلفزيونية جميلة، وكعادته زوجي الحبيب يرفض ويبدأ بالشرح لي عن آلية عمل الدش.
اللقطة الثانية: حالة استعصاء بجانب الدش، فيما انتقل صحن الموالح مع كأس من الشاي إلى السطح.
لقطة النهاية:
أصوات أقدام عمال يصعدون باتجاه السطح.

صنبور:

لقطة البداية: أصوات مثيرة للريبة تصدر من صنبور المطبخ، لم أبادر بالحديث مع زوجي حول أهمية وأولوية حل هذه المشكلة؛ إذ تركت لهذا الصنبور وما يبدعه أهازيج أن يخاطب زوجي؛ ليجد حلاً لإسكاته، مع ثقتي بأن من يتحمل “نق” الزوجة يتحمل صوت الصنبور.
دخل زوجي إلى المطبخ وفي يده الشنطة المعتادة، ونبه أفراد الأسرة بالبقاء خارج المطبخ.
اللقطة الثانية: الماء بدأ يتسرب من كل مكان ورأس الصنبور في يد زوجي، فيما العامل يحاول إغلاق المياه المتدفقة.

أزمة معلوماتية

اللقطة الأولى بينما كنا منهمكين بالعمل على أجهزة الحاسب الآلي، وكل منّا قد دفن رأسه في جهازه، نناقش من خلاله بعض القضايا المهمة عن طريق “الفيس بوك”!!.. فجأة توقف الانترنت عن العمل، وتوقفه في هذا العصر يعني كارثة بكل معنى الكلمة، وحاجة ماسة إلى قوات التدخل السريع؛ لحل الأزمة المعلوماتية وحالة الانغلاق على النفس.
وكعادته زوجي أمسك الشنطة “إياها” وخرج إلى الشارع لينظر في أسلاك الهاتف.
اللقطة الثانية:
عراك حاد بين زوجي وجارنا الذي خرج يحتج على قطع وصلة خط الهاتف عنه.

المفاتيح

عرفت مفاتيح كل الأشياء إلا مفاتيح زوجي، وأن تمتلك المفاتيح، فهذا يعني إمكانية دخولك إلى أي مكان ترغبه. فماذا لو لم تمتلك تلك المفاتيح، أو تعطل إحداها عن العمل فما العمل؟!
هذا ما حدث بالضبط مع مفاتيح الغاز التي لم تعد تعمل كما يجب، ولأني إلى الآن لا أعرف مفتاح زوجي فاستسلمت لدخوله للمطبخ بالشنطة “إياها” ليصلح هذه المفاتيح.
اللقطة الثانية:
النتيجة كانت مبهرة!!!، إذ إن مفاتيح الغاز بدأت تعمل بالفعل ولكن بالعكس، إذا أدرتها انقطع عنها الغاز، وإذا أعدتها إلى وضع الإغلاق بدأ الغاز يتسرب منها. النتيجة لم تكن مرضية البتة؛ فإن تتأقلم مع الأشياء العكسية هذا يحتاج إلى برمجة عقلك من جديد أو إعداد نفسك للتعامل مع الغاز كما تتعامل مع النظام العالمي الجديد والذي كل شيء فيه بالمقلوب.

الطبيب

اللقطة الأولى: جانب سرير ابنتي، وفي يدي فوطة ماء مثلج أضعه على رأسها لخفض الحرارة، فيما استبدل هذه المرة زوجي حقيبته بشنطة جديدة فيها أدوية متنوعة، وشاش وقطن ودواء أحمر، ولكن للأمانة الشنطة لم تكن تحتوي على سماعة الطبيب!.
وبعد عدة أسئلة طرحها على ابنتي التي هي ابنته، والتي كانت تجيب عليها بهز الرأس للأسفل، أخرج زوجي من حقيبته حبة مسكن (بندول) وأذابها مع قليل من الماء وسقاها لها، مع وعده لها بأنها ستتحسن بعد شربها.
ثم بدأ يشرح لي عن تكوين جسم الإنسان والأسباب المؤدية إلى ارتفاع الحرارة والدراسات التي تحذر من كثرة تناول المضادات الحيوية.
اللقطة الثانية:
الماء المثلج أصبح ماء حاراً، وحقيبة جديدة فيها سماعة الطبيب يحملها الطبيب.

الحصيلة:

اكتساب مهارات جديدة في فن الإنصات، مما خلّف رصيد معرفي كبير عن كيفية عمل الدش، وأسباب انقطاع الإنترنت، وآلية عمل مفاتيح الغاز، والكريات الحمراء والبيضاء في جسم الإنسان، بالإضافة إلى تطوير القدرات للتكيف مع الآخر، والتعامل الناجح مع الأمور العكسية.
أما عني فكل ما أتمناه أن يمتلك زوجي مهارة واحدة فقط، فقط مهارة واحدة ” التفويض”

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

×

Well, tough luck!

لقد وصلت إلى الأكاديمية الملكية للكتابة الساخرة، حيث نحول كل مأساة إلى كوميديا! هل أنت مستعد لاتخاذ خطوتك الأولى في عالم الكتابة الساخرة الاحترافية

× إذًا، في أي ورطة وقعت هذه المرة؟